الصفحة الرئيسية  اقتصاد

اقتصاد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يكشف عن احترازاته من مشروع ميزانية 2020

نشر في  26 أكتوبر 2019  (08:43)

اعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن مشروع ميزانية 2020، يمثل "استمرارالهوة وتوسعها بين الطموحات الشعبيّة وبين الاختيارات الواردة في هذه الميزانية، التي تتسم بتواصل واستمرار اعتماد سياسات تقشف طبقا لاملاءات وشروط صندوق النقد الدولي الواردة في اتفاق القرض الممدد المبرم سنة 2016".
وأبرز المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في بيان أصدره، يخص مشروع قانون المالية لسنة 2020، أن مشروع الميزانية المذكور "وقع طبخه وإعداده في ظروف اتسمت بانكباب الطبقة السياسية على الاستعداد لمواجهة محطات انتخابية رئاسية وتشريعية".
ولفت إلى أن هذا الاستمرار في سياسة التقشف، يلاحظ من خلال برمجة اجراء تعديلات لأسعار بيع المحروقات للعموم سنة 2020 (رغم أن الأسعار العالمية للنفط بقيت دون فرضية 75 دولار للبرميل الذي وقع اعتماده في قانون المالية لسنة 2019) قصد التقليص من نفقات الدعم، التي ستبلغ 4،180 مليار دينار موزعة على 1،800 مليار دينار لدعم المواد الأساسية (الذي سيقع التخلي عنه لاحقا وتوجيهه لمستحقيه، الذين أصبح عددهم يتصاعد باستمرار نتيجة تراجع الطبقة الوسطى وتدهور المقدرة الشرائية) ورصد 1،880 مليار دينار بعنوان منحة دعم المحروقات لسنة 2020 أي بتخفيض انخفاض قدره 0،658 مليار دينار مقارنة بالتقديرات المحينة لسنة 2019 .
وبين المنتدى أن هذا الاجراء سينتج عنه "حتما" ارتفاع في أسعار النقل والكهرباء وعديد الخدمات والمواد المستهلكة للطاقة مقابل تدهور القدرة الشرائية لشرائح عديدة من المجتمع. وتابع "أنه نتيجة لانعدام اختبارات استراتيجية واضحة في مجال الطاقة فان ارتفاع استهلاك الغاز والنفط بالتوازي مع انخفاض الانتاج والاعتماد المتزايد على الواردات قد أدى الى تفاقم خطير للعجز الطاقي حيث أصبح الانتاج الوطني لا يغطي إلا 38 بالمائة من الطلب المحلي سنة 2018 مقابل 61 بالمائة سنة 2000".
ووفق ما ورد في البيان ذاته، يرى المنتدى الاقتصادي والاجتماعي، أن استمرار سياسات التقشف تبرز من خلال الضغط على الانتدابات الجملية المبرمجة سنة 2020 والتي لن تتجاوز 7720 انتدابا رغم الحاجيات الهامّة لبعض القطاعات الاجتماعية الحساسة مثل قطاع التربية والصحة والتكوين المهني والثقافة... مثل هذا الاجراء يندرج في "البحث المحموم"عن تقليص نسبة حجم الأجور من الناتج الوطني الخام إلى مستوى 5ر12 بالمائة، المتفق عليه منذ سنة 2016.
ويتابع "رغم أن هذا الهدف بقي صعب التحقيق في ظل ارتفاع نسبة البطالة، التي تجاوزت 15 بالمائة منذ سنوات، وفي ظل الضغط المتصاعد على الطلب الداخلي في غياب آفاق واعدة للنهوض الجدي بالصادرات عبر الرفع من الانتاجية ومن انتاج الفسفاط ومشتقاته وانتاج النفط وتنويع الأسواق وتحسين جودة الانتاج والخدمات..." لافتا إلى أن هذا الضغط على الطلب الداخلي المتزامن مع تعثر الصادرات من شأنه أن يساهم في الحد من نسبة نمو الانتاج والاستثمار والتشغيل.
كما "يتواصل الاقتصار على ضبط المداخيل والنفقات وسياسات التوازنات الكلية مع الحرص على الحد من عجز الموازنة إلى 3 بالمائة مقابل حوالي 5ر3 بالمائة سنة 2019 دون أي نفس اصلاحي أو تنموي".
ويشير المنتدى، إلى أن نسبة النمو المحينة ستكون في حدود 4ر1 بالمائة سنة 2019 (مذكرا بأن ميزانية 2019 كانت تهدف الى تحقيق نسبة نمو ب 1ر3بالمائة) رغم الموسم الفلاحي الاستثنائي في مجال الحبوب والزيت ورغم الانتعاشة الهامة لقطاع السياحة بجانب ارتفاع تحويلات التونسيين بالخارج.
وأفاد، أيضا، مواصلة الحد من نفقات التنمية رغم ضعف الاستثمار الخاص وضعف نسبة النمو التي حددت ب 7ر2 بالمائة سنة 2020. علما أن هذه النفقات ستبلغ 9ر6 مليار دينار سنة 2020 نصفها فقط سيخصص للاستثمار.
والجدير بالذكر أن هذا التعامل "غير المسؤول مع قضايا التنمية يتزامن مع تراجع خطير للاستثمارات المصرح بها منذ بداية سنة 2019، سواء كان ذلك في الصناعات المعملية أو في قطاع الخدمات". وبين أن هذا التراجع يقع تسجيله رغم اصدار قانون الاستثمار الجديد ورغم كل الاجراءات والندوات المخصصة لتشجيع الاستثمار "لكن هذا التناقض لم يحظ حتى بمجرد الاشارة في مشروع الميزانية".
وتطرق المنتدى إلى تواصل الاقتراض، الذي شهد "ارتفاعا متزايدا" مفيدا أنه سيبلغ 218ر11 مليار دينار سنة 2020 منها 818ر8 مليار من الخارج و 400ر2 مليار من الداخل.
وتوقع أن تتجاوز خدمة الدين العمومي حاجيات الاقتراض لتبلغ 678ر11 مليار دينار أي ما يمثل حوالي ربع الميزانية وقرابة ضعف ميزانية التنمية.
واعتبر المنتدى هذا اللجوء المتكرر والمتنامي الى التداين "نتيجة لغياب العزيمة والجدية في اعتماد اصلاح جبائي يمكن من توزيع عادل للعبء الجبائي ومن الحد من الامتيازات الجبائية ومن مقاومة التهرب الضريبي ومن اخضاع القطاع غير المنظم الى المساهمة الجبائية ومن مقاومة تهريب الأموال".
وأبدى المنتدى أسفه من "أن يقع تبرير غياب مثل هذه السياسات منذ سنة 2011، بدعوى أن مردودها المالي لا يمكن أن يتحقق إلا على المدى المتوسط والطويل".
وتابع ، في الحقيقة فإن مثل هذا الغياب هو ناتج عن "رفض اللوبيات وأباطرة الفساد والمستفيدين من الأوضاع القائمة لكل نفس إصلاحي إلى جانب تداخل المال والسياسة وانتشار الفساد".
وفي ظل استمرار هذه الأوضاع فان نسبة مساهمة الموارد الذاتية في تمويل الميزانية وفق الفرضيات المعتمدة لن يتجاوز 77 بالمائة سنة 2020 علما أن المعايير المعمول بها تفترض بلوغ موارد الدولة الذاتية نسبة 85 بالمائة من تمويل الميزانية. وفي غياب تحسين هذه النسبة فان النتيجة تكون اللجوء المستمر الى التداين العمومي بكلفة متزايدة نظرا لضعف نسق النمو ولتفاقم الاختلالات الكلية وللتراجع المستمر لترقيمنا السيادي ولتواصل الضبابية حول آفاق التنمية في تونس، وفق تحليل البيان ذاته.
ويستخلص المنتدى، أن مثل هذا المشروع لميزانية 2020، يؤكد "مواصلة السلطة القائمة على الاكتفاء بتطبيق املاءات وشروط المؤسسات المالية العالمية والاقتصار على تصريف الأعمال في قطيعة تامة مع الانتظارات الشعبية وطموحاتها في تحقيق تنمية بديلة ببعديها الوطني والاجتماعي".
ومرة أخرى، يؤكد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على "ضرورة العمل على بلورة بديل تنموي واضح المعالم والاختيارات والأولويات، قادر على رفع التحديات، يستجيب للانتظارات الشعبية ويوفر المرجعية الضرورية لكل ميزانية عمومية".